عاشق على الرصيف ...
يا عم ، يا عم !!
نظر بتثاقل ،، وأعاد رأسه بين فخذيه ..
يا عم ،، يا عم !!
رفع رأسه مرة ثانية ، وإذ بغلام في العاشرة من عمره يقف مشدوها حائرا
- نعم ! ما بك يا ولدي ؟
يا عم ، أنا ذاهب للمدرسة ، ما بالك تجلس هكذا على قارعة الطريق ؟
- يااااااه ! كم الساعة الآن ؟
- إنها تقارب السابعة صباحا يا عم ...
- كم التاريخ اليوم يا ولدي ؟
- 2/6/2009 !
- يااااااااه !
- أتدري يا ولدي منذ متى وأنا جالس هكذا ؟
- لا !
- منذ سبع ساعات !
- لماذا يا عم ؟ يبدو لي أنك رجل وسيم ، ولا أظنك لا تمتلك مأوى يحميك ؟
- يا ولدي كنت أبحث عن طريقة أشارك فيها حبيبة قلبي ،، يوم زفافها !
- ماذا يعني زفافها يا عم ؟
- زفافها يا ولدي يعني أنها منذ ليلة أمس صارت مِلكُ غيري ، وليس لي
حق حتى في الكلام معها !
- ولِمَ لم تتزوجها أنت يا عم ؟
- كيف لي أن أتزوجها وهي بعيدة عني ،، بيننا أسوار ،، بيننا المستحيل !
- ومنذ متى تعرفت عليها يا عم ؟
- منذ عشرة أعوام !
- هل تحبها يا عم ؟
- لا ! هو ليس حباً ،، هو لون مختلف ،، توافق ،، رباط سحري ، يشعر
كلانا بالآخر دون كلام ! إحساس غريب لا يوصف ، هي جزء مني يا عم !
- هل تحبك هي يا عم ؟
- كانت تقول: لو كان الأمر بيدها لحرَّمت الرجال على نفسها ولما قَبلت عني
بديلاً ..
- كيف تعرفتَ عليها يا عم ؟
- يا ولدي ، دخلتُ النت مرة على أحد المواقع قبل عشرة أعوام ،
وإذ بي أتحاور - مصادفة - مع فتاة بكلمات لم تزد عن العشرين كلمة .. أتذكر
أني سألتها يومها .. عن ماذا تبحثين ؟
أجابت :
- أبحثُ عن صديق ، أجده عندما أكون بحاجته .
- قلت : إذا ، أنتِ في المكان الخطأ !
- قالت : ولا أنت ؟
- قلت : ولا أنا !
وبعد عام يا ولدي أو يزيد لم أدخل النت طوالها مطلقاً ... وجدتُ تلك الفتاة ..
نعم ، إنها هي هي !
تذكرتُها ، وتذكرتني ..
وبسرعة كالبرق خاطبتني :
- لا تغلق النت هذه المرة ،، أرجوك ، فأنا أبحث عنك منذ أكثر من عام !
من يومها وأنا أنظر في وجوه العشرات كل يوم ، لم يكن لي حلماً من يومها الا أن ألتقيك !
عشرة أعوام يا ولدي لم نختلف على مسألة ، لم نتنافر على رأي ، كنا كأننا واحد !
- هل أنت حزين يا عم ؟
- يا ولدي ، الله الذي يقدر أرزاق العباد ، لا يكون في ملك الله سبحانه إلا ما أراد !
يا ولدي ، منذ عام وأنا أتظاهر أنني قد تزوجت ، حتى لا أدعُها تنتظر !
وها أنذا أشاركها فرحتها على الرصيف كما ترى ، لم أجدُ ما أعبر به عن التصاقي بها
هذه الليلة إلا ذاك !
- وماذا ستفعل الآن يا عم ؟
يا ولدي يبدو أنني سأذهب معك إلى المدرسة حتى لا يعاقِبك ناظرُ المدرسة لتأخرك عن الحصة الأولي !